أعذريني فلسطين

19 نوفمبر 2023آخر تحديث :
أعذريني فلسطين
بشرى بشير

أعذريني فلسطين..

لم أكتب لكِ حتى الآن، لم أشارككِ النحيب الذي بداخلي بالأحرف، كُل أحرفي تنزفُ وينقطعُ نفسها قبل أن تُكوّن عبارةً نازفة عنكِ!

لستُ متخاذلةً كحكامِ العرب، بداخلي أصواتٌ ثائرة، ودموعٌ فائرة لكني أضعتُ لُغتي في صحراءٍ ميتة كقلوبِ حُكامنا، وبُترت جميعُ أحرفي من ذاكرتي قبل مدةً كمساعداتِ المنظماتِ الإنسانية التي مازالت غائبة عنكِ حتى اللحظة، لكني الآن أحاولُ التقاط بعض الأحرفِ التي لن تخيط لكِ جرحًا أو تحضن طفلًا، أو تمنع مأذنة من السقوط، أو توقف شلال الدماءِ المُتدفق، لكني أحاول جمعها؛ لأسكت ضميري الثائر ولأحاول عبثًا أن أمحو صرخات الأطفالِ والعذارء التي تصدحُ بذاكرتي من خلالِ صريرِ هذه الأحرف وعبثًا أحاول!

 

تُميتني قلة حيلتي يا فلسطين، لكني أصلي كثيرًا لأجلكِ، أصلي لأجل أن يأتيكِ نصرُ اللهِ عما قريب، أن يُحقن دمُ أطفالكِ الذي مزّقت أشلائهم نياط قلبي، أن يستيقظ ضميرُ الحُكام ويُطلق سراح أصواتهم المحبوسة، أدعو الله لكِ بقلبٍ حوله الحُزن إلى رُكام، وما من سبيلٍ لعاجزة مثلي غير الدعاء..

 

كل الصراخاتِ التي سمعتها تترددُ في داخلي، وكل الدماء التي رأيتها أختلطت بدمي، ونعوش الشهداء التي رأيتها قبرتها بداخلي، كل آلامكِ تشربها جسدي، وحدكِ قضيتي.

تؤلمني رؤية المآذن المحطمة، يُفتتُ قلبي أنين الصِغار، وتهز وجداني صرخاتُ الثكالى، لكن أكثر ما يؤلم يا فلسطين هو قلة الحيلة، وصمتُ الحُكّام.
#بشرى_بشير