عندما نحافظ على بقاء ضمائرنا حية رغم كل المغريات، الساحبات للذات إلى هوة سحيقة اسمها الأنا، فنحن نكرم أنفسنا بضمائرنا، وهنا يكمن التكريم الحقيقي لنا، عندما نجعل الأنا تسمو لِهم الجميع، تتألم لآلام من يشاركها الحياة على ذات المكان، ترفض الظلم جملة وتفصيلا ولو وجدت المطمئنات بأن لا يصلها إلا المن والسلوى، ذاك أن النفوس المكرمة تدرك بأن ما أصاب الآخرين سيصيبها ولو بعد حين، تتخذها سنة حتمية عادلة لا تتبدل
لهذا فشاعرنا القدير ثابت عوض اليهري كرم نفسه قبل أن يكرم؛ حافظ على ضميره، أبقاه حيا، قال له الكثير كن ذرة وقل سكر، لا تذكر المر، ولا تسلط أشعارك عليه، تجنب كل خطأ يرتكب في حق الجنوبيين، كن كالشعراء، كن كزملائك، لا تخط لنفسك طريقا مغايرا فيتغير حالك، لا تقاوم التيار فيجرفك، لكنه صمد.. تساقط الشعراء وبقي شامخا، محت الصراعات الطرق وبقي طريقه مستقيما، تلاشى التيار وهو صامد كأشجار السدر.
دافع عن كرامتنا يوم أن باعها الزعماء، ظل وفيا ومحبا لشارع الطويلة، ويلتقي بالشمس بعد المغرب منفردا، ويطالب بكرامة شعب سلبها عنهم بن علوان .. حد وصفه!
لهذا نكرمه اليوم، لأنه كرم نفسه قبل أن يكرم: هي خلاصة مكثفة لهذا الاحتفاء الكبير من كل أقطار الوطن، فهنيئا لك شاعرنا الكبير هذا الصبر، هذا الانتظار، هذا النضال.
محبك صالح شنظور
















