أول ما لفت انتباهي إليه بعد تعيينه مديراً عاماً لسرار، عقب حرب صيف 1994م ، إنه ذكرني بزميلي في الصف الثاني الابتدائي حيدرة منصوردبا رحمة الله تغشاه، أخوه الأكبر الذي راح ضحية انقلاب سيارة النقل ،التي أقلت طلاب مدرسة سرارفي طريق عودتهم من رصد عقب مشاركتنا بفقرات في حفل ذكرى الاستقلال الأولى عام 1968م ،وهو ما أشعرني بتعاطف تجاهه شخصياً، وبدد عندي المشاعر العدائية تجاه كل ماهو مرتبط بسياسات صنعاء والمؤتمر الشعبي، التي تلبست معظمنا بعد مرارة الهزيمة التي حلت بالحزب الإشتراكي والجنوب.
ورغم صغرسنه حينها،إلا إنني ومنذ لقائي الأول به ،أحسست برحابة صدرأكبرمن سنه بكثيرلسماع ما لا ينسجم وقناعاته السياسية، وقدرته على نسج العلاقات الإنسانية مع الكل وتواضعه، وخلوه من الأحقاد ونزعة الإنتقام ،وهي صفات ظلت ملازمة له طيلة حياته،وهوفي وظيفته وخارجها، لكنها لم تكن تمنعه من التزاماته السياسية ،وممارستها أثناء تأديته لوظيفته بطريقة السياسي المخضرم، دون تجريح ولا إيذاء للمشاعرالإنسانية للخصوم السياسيين ،وهو ما خبرته معه عملياً أثناء ترشحي للإنتخابات البرلمانية كمستقل في مواجهة مع مرشحي المؤتمر والحزب الإشتراكي في عام 2003م.
صحيح أن الكثيرأختلف معه ومارس عليه انتقاداً جارحاً ،والبعض أساء إليه في كثيرمن الأحيان بالحق والباطل، لكنه بطريقته المتميزة في التعامل السياسي والإنساني، أحتفظ بعلاقات ود مع جميع الفرقاء، ولم يوفر جهد في التعاون والمساعدة على كافة الصعد، بحسب ما كان متاح له في الضروف السيئة، التي حاطت بالبلد ومحافظة أبين بشكل خاص، التي مورست فيها على مدارالعقود الثلاثة الماضية،رواسب وأحقاد صراعات الماضي على مديريات يافع التابعة لها، في خضم كل هذه التعقيدات، أستطاع السياسي والإنسان خالد منصور، أن يحتفظ بعلاقات متميزة مع قيادته ومواطنيه، والأحزاب السياسية والمشائخ والشخصيات الإجتماعية، وهو ما تصدقه ظاهرة التسابق في تقديم التعازي والمواساة لأهله من الكل دون إستثناء.
لم يتردد وهو دون العشرين في متابعة الجهات المعنية لاستخراج راتب صهره حنش بن عبد الباقي الضابط والإعلامي في الدائرة السياسية لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الذي أغتيل بطريقة همجية وغبية وحجج واهية عقب إحداث يناير 1986م، وهو ما كان يثير الخوف عند كثيرين ويحتاج لقدرمن الجرأة والإقدام ،ولم تغره السلطة للحقد والانتقام والغطرسة والكسب غير المشروع عقب عام 1994م، ولاكسرت كبريائه وعزت نفسه وثقته بها إبعاده عن السلطة ،لقد عاش خالد بنفس الأخلاق ومات عليها فطوبا لك يابن منصوردبا ونم قريرالعين.
إن تجربة خالد منصوردبا في العمل السياسي والعلاقات الإنسانية تستحق من محبيه وأصدقائه وزملائه الذين عايشوه عن قرب مزيد من البحث والدراسة ليقدموها للناس كنموذج يستحق القراءة والاطلاع،وجدت إنه لزاماً عليا أن ادلو بدلوي فيما عرفته عن خالد ، بعيداً عن التعازي التقليدية لأنه يستحق أكثرمنها ، ولعلني أفتح بها باباً لتكريمه بما يليق به وهي دعوة لكل من لديه المعرفة والقدرة على ذلك رحمة الله تغشاك يا خالد لقد عشت جميلاً ومت جميلاً.