
لتمرير أي أجندة ضد الشعوب، يقحم الناس في دوامة من العذاب، يساقون من وجع إلى وجع أكبر، ومن محنة إلى هاوية أعمق…
تنهكهم الحروب وتنهشهم الأزمات، فلا راحة لليلهم ولا صباح يلوح فيه الأمل.
تتبدل الوجوه، وتتكرر الماسي، ويبقى الشعب وحده في صف الألم ينتظر الفرج الذي لا يأتي.
هم القادة يا سادة… وهم أولياء الأمور
أنتم من وقفتم متفرجين على جراحنا التي تنزف كل يوم دون حراك ستسألون يوما 
ستسألون عن كل فرد سلب منه حقه في الحياة، عن الجائع الذي أثقل الجوع كاهله حتى بات عاجزا لا يملك سوى عينين تحدقان في الفراغ، وجسد خارت فيه الحياة حتى صار ظلا لما كان عليه.
ستسألون عن صرخة طفل أنهكه الجوع حتى ذوى وتقزم، وعن غصة الألم التي تسكن صدور الأمهات، وحرقة دموعهن التي تبلل التراب فوق قبور أبنائهن الشهداء.
ستسألون عن الشباب الذين ضاق بهم العيش حتى تحطمت أحلامهم، وانكسرت قلوبهم على أعتاب واقع لا يرحم.
عن العقول التي ذوت في غياب العلم، عن الأجساد التي أنهكها الفقر والمرض، عن وطن يختنق في صمت مدو لا يسمعه إلا من عاشه.
ستسألون عن أرض دمرت وجبال نهبت وسماء تلوثت بدخان الحرب وأصوات القهر،
عن بحر راكد فقد ملوحته بالحزن، وعن شوارع كانت تضج بالحياة صارت اليوم شاهدة على الغياب.
عدن… بوابة البحر وملهمة الشعراء، أصبحت اليوم مرثية طويلة تروى على ألسنة الجياع والموجوعين.
فيها أطفال يتعلمون الصبر قبل الحروف، ونساء يحملن الوجع كإرث يومي، وشيوخ يصلون لأجل رغيف لا يأتي.
فيها الحياة تسير مثقلة بالخذلان، والموت يمر كل يوم في صمت كضيف معتاد.
تذكروا يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون،
يوما تعرض فيه الأعمال وتكشف فيه النوايا،من آمن بقدسية الوطن ومن باعه بثمن بخس.
عدن لا تموت، لكنها تنزف.
وإن كانت اليوم في وجع، فإن صبرها سيكتب غدا فجر الخلاص..

 
 
 







