_ خرجت من المعركة المميتة ونبضات قلبي سليمة، وضعت يدي لأتحسسه وهو كذلك، ينبض ليخبرني بأنني على قيد الحياة
ولكن أي حياة هذه التي خسرت فيها صديقي، صديق المدرسة والأيام الجميلة التي بيننا، رحل وترك بصمته الحمراء على قميصي، فكان متشبثًا بي ويردد كلمتهِ بصوتهِ المبحوح: لا تحزن فأنا اليوم شهيد، ولا تنسى أخاك من ذكر الدعوات.
أي حياة هذه التي خسرت فيها أخي تحت القصف العشوائي والعنف الشديد، ورأيته يغرق بدمه ولم أستطع إنقاذه، وما زال صدى صوته يتكرر في أذناي وهو يقول ساعدني يا أخي ساعدني.
أين الحياة هذه التي سأعيشها وقلبي مبتور على فراق زوجتي وابنتي التي لم يمر شهران على ولادتها.
صحيح أنني على قيد الحياة ولكن روحي دفنت بجانبهم، تعذيب الضمير نهش ما تبقى من جسدي، كيف رأيتهم يتعذبون دون أن أقدم لهم المساعدة؟!
كيف سمحت لهؤلاء المحتلين أن يسلبوهم مني ويقتلونهم؟!
هل لأنني خائف أم ماذا؟! أخبرني يا أبي؟!
= أنا أعلم بأنك لو كنت حُرًا ولم تكن بقبضتهم… ستفديهم بروحك وستقاتلهم بكل شجاعة وكبرياء وستهاجم كل من ساهم بقتل أخيك، وصديقك، وزوجتك، وابنتك، وتشعل شرارة القهر التي تعرضت إليه من قبل المحتلين ولكن…
_ ولكن يا أبي استطاعوا أن يكسروا كبريائي واحتلوا موطني وقتلوا الأبرياء بدم بارد، وأصبحت الأرض غريقة بالبحر الأحمر.
دثرني يا أبي لقد ثلج صدري فلا أستطيع تحَمُّل برد الفراق واستعبادنا في تلك الأرض.
إلى متى سنظل هكذا؟! لماذا لا يحن موعد وفاتي كي أرتاح؟!
مَن سأفقد هذه المرة ويزداد عذابي؟!.
= يمكن لم يحن موعد وفاتك حتى الآن لتكون أنت من تحرر أرضك بتراكم الحقد والكره الذي سينفجر كالبركان ويحرقهم جميعاً؟!.