(( سلسلة قرأت لكم ))
****************
القاص عمر محمد العمودي في أول مجموعة له
*********************************************
( لاجىء لم يفر من الحرب ) هو عنوان المجموعة القصصية للكاتب الشاب عمر محمد العمودي، وهي مجموعته القصصية الأولى، وتحتوي 36 قصة قصيرة.
الغلاف لم يظهر فيه تجنيس الكتاب كمجموعة قصصية، فكأنما استشعر الكاتب أن عدداً من الصفحات بين دفتي الكتاب قد حملت مايشبه القصة ، ولكنه لم يلتزم اشتراطاتها من:حوار، وأحداث، وشخصيات ، وزمان ومكان، او بعضٍ منها ، فجاءت أقرب إلى خواطر مطوّلة.
ارتسمت على الغلاف الأمامي صورة النصف الأعلى لرجل يعتمر كوفيةً، ووجهه دون ملامح. يقف وراء حاجز وأسلاك شائكة .
لغة الخطاب في القصص كان فيها السارد يتحدث بصيغة المتكلم، وهو مايفتح فضاء أوسع للقاص للإداء بما يريد قوله من رؤى وأفكار، فلا يتقيد بمستويات ثقافية مختلفة للأبطال قد تعوقه عن التحرر في التعبير،
ولقد جاءت القصص دون حوارات، فالسارد هو البطل الأوحد لكل قصة.
أما المواضيع التي اتخذها القاص لقصصه في المجموعة فقد توزعت – كعادة المجموعات القصصية- بين : سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وانسانية عامة. وكان للحرب نصيبها أيضا، وكيف لايكون والمجموعة من إصدارات سنوات الحرب التي بدأت ولما تنتهي.
تبدت الحرب جلية كما في قصة(قدم اعتزلت التهديف)، وكان لأوضاع الحرب آثارها كما في قصة ( الحلاقون)،وقصة ( حلم على مقاس كرسي)، وكذا قصة ( مفاوضات ناجحة) .
ولعل القاص الشاب عمر محمد العمودي قد وقع اختياره على عنوان قصته رقم 14 في المجموعة، وهي قصة ( لاجىء لم يفر من الحرب) ليكون عنوانا لمجموعته ليؤكد على إدانته للحرب،وهو لايدينها فحسب ، بل ويدين كل مايواجهه في بلده من أوضاع متردية جراءها؛ أوضاع يرى أنها لن تنتهي حتى ولو انتهت الحرب، ولهذا فهو لايحلم بالرجوع إلى بلده.
ولم تكن الحرب هي التي ألقت بظلاها على المجموعة فحسب، بل إن تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية قد كانت حاضرة هي أيضا في ثنايا المجموعة، كما تبدى في قصة (الفستان الأكثر ثمناً من معلم) ، وقصة ( حلم على مقاس كرسي) .
هموم الشباب وإحساسهم بالضعف وخيبة الأمل تمثل في قصة ( لايمكن أن تصبح طبيباً)، وفي قصة ( حياة مركونة) حيث تفرض صعوبة الحياة على أبطالها ترك أحلامهم جنباً وخوض غمار الحياة.
وهكذا نجد أن المجموعة تناولت مواضيع مختلفة ومتعددة ، وحملت في ثناياها الكثير من الرؤى والأفكارالموفقة.
اللغة كانت لغة ساردة تجنبت الوصف؛ وهو العنصر الذي يمكن من خلاله أن يطعّم قصصه بالأخيلة والصور، ويضفي عليها الشاعرية المنمقة؛ مما يجعلنا نحيل المجموعة إلى أدب الواقع.
غير ان القاص العمودي قد استعاض عن ذلك بالخيال المنبث في ثنايا قصصه من خلال احداثها الخيالية وغير المتوقعة في كثير من الأحيان،
وباختيارمواضيع تحرك مشاعر القارىء وتهز عواطفه ووجدانه، ليثبت قدرته على إيصال أفكاره ورؤاه من خلال متانة السرد ، وإحكام الحبكة،
وقوة النسج التي تفرض على قارئه اللهاث وراء أحداث قصصه.
سعدت كثيرا بقراءة المجموعة التي شرفني كاتبها بإهدائي نسخة منها، وأحسب أننا سنرى قريبا قاصا سيكون له في عالم القصة شأن.
***********
شكرا لجمال أرواحكم