قيل لنا مُنذُ الصغر عليك أن تَجِد وَتَسْتَجِدّ حتى تنال نصيبًا من النجاح، فأمتلئت كُتب المدرسة بالعبارات التالية: من جد وجد، والنجاح بِالْمُثَابَرَةِ، وكُل من سار على الدرب وصل، وأكوام من هذه النصائح والأقوال دون فائدة وقد تُسبب لك حَالِيًّا صُداع مُميت .
وها نحنُ نرى في وطننا الحبيب عكس ما قيل لنا، بل رأينا الكثير والكثير من الفاشلين أصحاب الثروة أو الوساطة القوية أتيح لهُم الفرص لينالوا من الحظ مالا يستحقون ولم يحلموا بها، وتراهُ مُعظم أوقاته يتحدث عن ذلك الكفاح الماضي ويهتفون بملء أفواههم: ها نحنُ وهذه هي نتيجة العمل والمُثابرة بِتَكَبُّر وتباهي وهي في الحقيقة لو أن الأوضاع تلك لم تُساعدهم لكان مصيرهم في الدرك الأسفل، ولو أتينا لننظر بأن ذاك المسكين الذي يجد ويجتهد بصدق، ويعمل في أيام الصيف فوق عملهُ الضئيل فعلاً ليلاً ونهار ويحمل على عاتقيه هُموم لا تُحصى وهو أكثر منهُم صبرًا، إرادة، وقوة.
ولو تمعنا ما هو المؤلم الذي ناخ بهم فعلًا لوجدنا أنهم ضحايا ظروف وُلدوا فيها وحربٍ عبثية أخذت ما يسعى إليه، ولو رأينا ما عوامل النجاح في وطني الحبيب لرأينا أنها عوامل أُخرى غير تلك العوامل التي ينجح بها الناجحون كالعادة .
لكن متى سيأتي التغير طالما صوت اَلضُّعَفَاء لن يوصل، من سيمنح منصب لذاك المُستحق عَمَلِيًّا ويترك حزمة نقود جانبًا لمن يشري لأجل شهادة تزويرية إلى متى صوت بلادي غير مسموع، لِمَ الجميع أصبح يركض خلف من يدمرون بلادنا بجهلهم، وترك الحاذقون علي الأرصفة تشردوا، أين نحنُ من هذا وأين أنتُم ياسارقي أرضي بمبلغ مادي ومنصب هزلي .
هكذا نحنُ في وطني الحبيب، المُجتهد يذل وليس لهُ نصيب والفاشل ترفع مكانته ويكون له حباً وتقدير، لماذا كُل هذا؟! لأنهم ذوي الوساطات والمكانة، ف وطننا يحب من يرمي له النقود بل ويطمع بالمزيد وكل هذا على حساب ذاك الشخص المسكين الذي يملك شغف وحب للتعليم الذي يكدح يَوْمِيًّا ويعمل بإصرار لأجل أن يلتحق بالمجال الذي يريده، وفي النهاية، الشاطر يبكي ويحزن على فشلهُ، والفاشل سعيد على نجاحهُ المُزيف.