سما نيوز

المعالم الأثرية ودلا لاتها التاريخية

المعالم الأثرية ودلا لاتها التاريخية
سما نيوز / عدن / خاص

موضوع الآثار هو موضوع ذو شجون ، وهو موضوع واسع ومتشعّب ولا يمكن أن نفيه حقّهُ مهما كتبنا ومهما حامت حول حماه الحروف والمقالات، ولكننا سنحاول بقدر الإمكان في هذه المساحة المحدودة من جريدة (ثورة التنمية ) أن نفتح هذا الباب المهم بما تيسر لنا ثم نترك للبقية فرصة التحدّث والتعقيب وإكمال ما لم يتم التطرق إليه ومايرونه يحتاج الإضافة.
ونقول في البداية أن للآثار دلالة تراثية وثقافية وحضارية عميقة ، فهي تمثِّل شاهداً حيّاً بلا منازع عن حضارة مجتمعٍ أو بلدٍ معين، وهي المرآة العاكسة للحُقَب الزمنية الغابرة التي عاشها ذلك المجتمع أو البلد بما توفره من قراءة أكيدة وانعكاس حي لتلك الحقب والفترات.
ودائرة الآثار تظم العديد من الشواهد الكثيرة ومنها على سبيل المثال:
*أطلال وخرائب المدن والقرى الأثرية وما تحويه من مدافِن وسراديب وما تخفيه من محتويات.
* القلاع والحصون الأثرية المعلّقة.
* الأدوات المنزلية القديمة.
*الأسلحة بأنواعها المختلفة.
*المخطوطات والوثائق الضاربة في القدم.
*المصوغات الفضية والنقدية، خصوصاً تلك التي يضرب عليها التاريخ والمنشأ.
*الصخور والأحجار المنحوتة بنقوش وخطوط أو رموز ذات دلالة تاريخية.
* المساجد والأضرحة القديمة.

ومناطق يافع من المناطق التي تعج بتلك المعالم والشواهد الأثرية التي تعبّر عن الإرث النابض بالحيوية والضارب بجذوره في أعماق التاريخ، والتي يفاخر بها الناظر ويشعر بالحسرة في نفس الوقت من تركها وحيدة تقاوم وتصارع عثرات الزمن القاسية ومواجهة مصيرها المحزن دون حماية من أيادي العابثين.

إن مسألة الآثار بحاجة إلى وقفة جادّة وتحرك يوازي تحركنا في مجالات التراث الأخرى وأن ننقذ ما نستطيع اللحاق به من المدن الأثرية التي لازالت تصارع وتقاوم ، وأن نحاول العمل على التنسيق مع المنضمات الدولية المهتمة بهذا الشأن لدعم حماية الحصون والقلاع والمدن الأثرية وإمكانية دعم التنقيب تحت أطلال المدن المطمورة.
ويمكننا حالياً العمل بجهود تدريجية للوصول إلى جهود مكتملة من خلال مايلي:
العمل على إرشاد الناس بالوسائل المتوفرة لدينا وتوعيتهم بضرورة المحافظة على الآثار وعدم العبث بها والوقوف ضد سماسرة الآثار ومَن يدمرون تاريخ مناطقهم بأيدهم من خلال نقلها خارج مناطقهم أو إلى بلدان أخرى، واعتبار تلك الآثار ملك للوطن وملك للجميع.
إرشاد الناس في كيفية المحافظة على مخطوطاتهم القديمة وكذا مقتنياتهم التقليدية .
تشكيل هيئة للآثار مهمتها التنسيق مع رجالات الخير من أبناء يافع لعمل مايرونه مناسب تجاه إعادة ترميم بعض المعالم الأثرية.
إننا نهيب بكل الغيورين من أبناء يافع ومن أهل الخير الذين يستطيعون الدعم تقديم يد العون للقيام بمهمة الحفاظ على الأماكن الأثرية التي تعكس وجه يافع المشرق، وإعادة ترميم ما تهدَّم بالتنسيق مع الخبراء الاختصاصيين في هذا المجال كي لا يتم الترميم بالطرق العشوائية التي تفقد المعالم الأثرية مكانتها وجوهرها الحقيقي ، لأن البعض قد يدفعه حبّه لذلك العمل إلى التسرع الذي قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، فهناك معايير دقيقة يجب الاسترشاد بها عند الإقدام على مثل تلك الخطوات كي لا يصبح الأمر كما يقول المثل :”من الحُب ما قتَل”.
ونحن على ثقة أن أيادي الخير التي وصلت إلى كل المجالات في يافع وخارج يافع ستستطيع بعون الله الاهتمام بهذا الجانب المهم.
إن ضياع الآثار وطمْس المعالم الأثرية وتغييب هذا الجانب المهم يعتبر ضياع لجانب ومؤشر مهم من مؤشرات حضارتنا العريقة التي لا يمكن تعويضه في ظل ضَخ متواصل للمقتنيات الأثرية وإخراجها خارج نطاق يافع بقصد وبدون قصد وبنيّة قد تكون وراءها بعض الجهات التي تريد تجيير التاريخ لصالحها أو بحسن نيّة مثل اللهث وراء القيمة المادية والتي يقوم بها أبناء المنطقة ذاتها.

لذلك ومن هذا المنبر أقترح إقامة هيئة تسمى (بيت الآثار) مهمتها شراء كل ماتستطيع شراءه من مقتنيات أثرية وأسلحة تراثية مختلفة وتشجيع الناس على جلب ما يمتلكونه وما يجدونه لتلك الهيئة لتشتريه منهم بتشجيع من كبار تجار المنطقة باتفاق على أسس استثمارية أو غيرها…، وهذا الموضوع مجرد اقتراح متروك لذوي الاختصاص لمناقشته وأعتقد إن هذا أحد البدائل وأن هناك من البدائل الكثير التي قد أجهلها.
هذا والله الموفق لما فيه الخير والسداد.

 

كتبه/ الأستاذ: ناصر سالم الكلدي.
كاتب وباحث في التاريخ والتراث اليافعي.