قال الله تعالى (وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن یُقۡتَلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ) ،
و قال الله عز وجل (مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا) ،
كم هو عظيم ان نقف وقفة اجلال واكبار ، المفعم بالتحية و التقدير ، والامتنان و العرفان ،
لرفيقنا و شهيدنا الاخ العزيز و الصديق الكريم ، اعز الرفاق ، و اكرم الكرماء ، واوفى الاوفياء ، و اشرف الشرفاء ، انه المناضل الكبير ، و المكافح الغيور ، والفدائي الجسور ، الشهيد محمد صالح مطيع ، طيّب الله ثراه واسكنه فسيح جناته ،
و ذلك لاحياء الذكرى ٤٣ عام لاستشهاده و اعدامه من قبل رفاقه ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ،
ولا ريب فإن حياة الشعوب زاخرة بالامجاد
و الابطال ، والقاده المصلحين الاخيار ،
اولئك الغر الميامين ،
المجاهدون الابطال ، و المناضلون الاحرار ، و الشهداء الابرار ،
الذين يأبون الضيم و الهوان ، ويرفضون الظلم و الطغيان و الاستبداد ، ويعشقون الجهاد في سبيل الله ،
من اجل السلامة والاسلام ، و الحريه والاستقلال ، والامن والسلام ، و العدل والاحسان ، متسلحين بالعقيدة الاسلاميه السمحاء ،
عقيدة الحريه و المحبه و الايثار ،
عقيدة التوحد و التصالح و الوفاق ،
عقيدة التراحم و التسامح و الوئام ،
مضحين براحتهم الوادعه ، و مهجهم الغاليه ، و دمائهم الطاهره ، من اجل حرية و كرامة بلادهم و مواطنيهم ، وطرد المحتل البريطاني من ارضهم الطيبه ، و من عدن الوادعه عدن الحضاره والسلام و من جنوبنا الحبيب ،
ولذلكم فقد كان رفيقنا الحبيب و شهيدنا المجيد ، البطل الهمام ، الشهيد محمد صالح مطيع ، في مقدمة تلك الكوكبه الرياديه و المناضله و الفدائيه ،
و الذين استعذبوا الكفاح و النضال المتواصل ،
منذ فجر ثورة ١٤ اكتوبر الخالده عام ٦٣م ،
ضد الاستعمار البريطاني ، و مخططاته العدوانيه ،
انها بريطانيا المتصهينه و النازيه ، والتي استولدت اسرائيل الارهابيه سفاحاً في فلسطين العربيه ظلماً وعدواناً ،
حقاً انهم مناضلونا الاحرار الذين التزموا بالجهاد و النضال المتواصل ، لكي يهبوا لامتهم عذب الحياه الحره و الكريمه ،
و تحقيق الاستقلال الوطني في ٣٠ نوفمبر ٦٧م ،
و نحن عندما نحيي ذكرى استشهاد وقتل رفيقنا الشهيد محمد صالح مطيع ،
فانه ينبغي علينا جميعاً ، الاشاده بدوره النضالي ، و ذكر مناقبه المثاليه ، وشجاعته النادره ، و اخلاقه الفاضله ، وسيرته الحميده ، ليكون لنا و لاجيالنا خير قدوه واحسن اسوه ،
و كما ارشدنا رسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ( اذكروا محاسن موتاكم ) ، ومن باب اولى ذكر محاسن شهدائنا.
أجل لقد كان رفيقنا مطيع في مقدمة تلك الكوكبه الرياديه و المناضله و الفدائيه ، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، و في المقدمه منذ يفاعته و شبابه حيث كان من رواد و قادة الجبهه القوميه ، رائدة الكفاح المسلح ، والتي انطلقت في ١٤ اكتوبر من على قمم جبال ردفان الشماء عام ٦٣م ،
حقاً لقد كان الشهيد مطيع ، يمثل نموذجا فريداً ، لتحليه بالقيم الايمانيه والاخلاقيه ، والنقاوه الوطنيه والتحرريه ، والنزاهه الشخصيه.
ولقد اتصف رفيقنا الشهيد مطيع بالشجاعه والاقدام في الجبهات والخطوط الاماميه بفدائيه نادره ، وكان له صولات وجولات يخوض الملاحم البطوليه والاعمال الفدائيه في ميادين الشرف والكرامه والتحرير ، ضد قوات الاحتلال البريطاني ، في روابي صيره وشمسان ، وضواحي عدن والتواهي والشيخ عثمان ،وجبال الضالع ويافع وردفان ، وفي كل انحاء الجنوب.
وعند قيام المسيره الاصلاحيه التحرريه في يافع بقيادة الجبهه القوميه في شهر يوليو عام ٦٧م ، من اجل اصلاح ذات البين وانهاء الثارات و الفتن والحروب القبليه ، وترسيخ النظام والقوانين ، كان رفيقنا مطيع يزورنا الى يافع بين حين وآخر ويقدم لنا توجيهاته الرشيده ، والمشاركه في تشجيع المبادرات الجماهيريه في بناء المدارس وشق الطرقات وقيام المشاريع والتعاونيات في المديريه.
وبعد تحقيق الاستقلال الوطني في ٣٠ نوفمبر ٦٧م كان الشهيد مطيع قد شغل عدة مناصب قياديه منها وزير الداخليه ، وفي عام ٨٠م ، وزير للخارجيه ، ونعم الوزير الكفؤ فقد كان بحق صقر الجزيره العربيه ، حيث اتصف بالحكمه والحلم والمرونه ، والحفاظ على الاخلاق الفاضله والتعاليم الاسلاميه السمحاء ، القائمه على الوسطيه والاعتدال ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، والتحلي بالتصالح والتسامح والسلام وحسن الجوار مع دول الخليج ، حيث كان يحاول التعامل خاصة مع المملكه العربيه السعوديه ودول الخليج بكياسه وتسامح وحكمه وحنكه سياسيه ، وكان يبذل مساعيه الحميده والدبلوماسيه للتوصل الى تطبيع العلاقات الاخويه ، القائمه على حسن الجوار ، والعلاقات المتكافئه والاحترام المتبادل ، بدلا من العداء والجفاء والمقاطعه ،
لقد كان الرفيق مطيع من ابرز قيادات اليمن الجنوبي ، ومن الشخصيات القويه والحكيمه والمعتدله ، والتعامل بمرونه في عالم القياده والسياسه والنواحي الدبلوماسيه ، يتمتع باخلاق عاليه ، وحنكه سياسيه فريده وخاصه في العمل الدبلوماسي كوزير للخارجيه ، وكانو يسمونه “رجل المهمات الصعبه” ، حيث عمل كوزير للخارجيه على اقناع المملكه العربيه السعوديه ، والامارات والكويت بفتح صفحه جديده مع الجنوب ، وتحقيق التصالح والتسامح والتواصل ، بدلا من الجفاء والخصام والمقاطعه.
وكان يقول الرفيق مطيع ” اسعد يوم في حياتي ، عندما رايت علم اليمن الديمقراطيه يرتفع فوق منظمة المؤتمر الاسلامي ” ، والذي انبثق عنها مجمع الفقه الاسلامي ، ولقد حضرنا اول جلسه في مكه المكرمه في مجمع الفقه الاسلاميه نمثل اليمن الديمقراطيه ، وبعد ذلك عينا صاحب الفضيله الشيخ محمد عبده عمر خريج جامعة المدينه المنوره ، والازهر الشريف ممثلا لليمن الديمقراطيه في مجمع الفقه الاسلامي ، ولا يزال الشيخ محمد عبده ربنا يحفظه ويرعاه عضوا في مجمع الفقه الاسلامي.
ونظرا لان الرفيق مطيع قد نجح في تحسين العلاقات مع الاشقاء في دول الخليج ، وبتكليف من القياده لم يكن من الطابور الخامس الذي اخترق المكتب السياسي للحزب الاشتراكي من وراء الجدر ، إلّا ان رفض التقارب بين الجنوب ودول الخليج ، وخاصة مع المملكه العربيه السعوديه ، واعتبروا ما قام به الشهيد مطيع يعتبر خيانه و عماله ، ولذلك طلب المكتب السياسي من الوزير مطيع تقديم استقالته ،
و فعلاً قدم مطيع استقالته كوزير للخارجيه في ٢٠ /٧ /١٩٨٠م ، وفي ٧ /٨ /١٩٨٠م تم اعتقاله و وضعه في السجن بدون أي مبرر قانوني ، لذلك فقد استاء الكثير من المواطنين والرفاق لإعتقال المناضل مطيع وايداعه في السجن ظلماً وعدواناً ، و اذكر انني كنت عضو في مجلس الشعب الاعلى ، واستنكرنا سجن الرفيق المناضل مطيع ، وطالبنا الجهات المسئوله في قيادة الحزب والدوله توضيح التهم الموجهه الى مطيع ، وكان الرد من بعض الاخوه انه عميل للرجعيه السعوديه ، والامبرياليه الامريكيه ،
وكان ردنا اذا كان مطيع عميل كما تقولون فنحن وانتم عملاء للرجعيه والامبرياليه الامريكيه .
وعندما تواصلنا مع وزارة أمن الدوله سلموا لنا ملف فيه وثائق بلاغات كيديه مزوره تضمنت بأن الرفيق مطيع كان ينوي انقلاب لصالح السعوديه ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وفي ١٧ ابريل عام ٨١م قام المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني للأسف الشديد بإصدار حكم الاعدام على المناضل الكبير محمد صالح مطيع ، وتم تنفيذ الاعدام بطريقه وحشيه لم يشهد لها التاريخ مثيل ، مخالفين بذلك الدستور والقوانين المرعيه ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
ولأن الشيء بالشيء يذكر كما يقال ،فانه في احدى الجلسات مع الرئيس علي عبدالله صالح ، بعد الوحده في صنعاء ، يقول لنا كيف كان اعدام مطيع ؟ ولماذا سكتم يا يافع على اعدام مطيع ؟ قلت والله يا اخ الرئيس لم نسكت واستنكرنا ذلك ، وقال هل جميع اعضاء المكتب السياسي وافقوا على اعدامه ؟ قلت نحن لسنا في الحزب ، ولكن اعتقد ان بعض الجنوبيين يمكن عارضوا ، وإنما الاعضاء من جماعة حوشي كلهم وافقوا على اعدام مطيع ، قال لنا الرئيس علي عبدالله ، كل الحضور من اعضاء المكتب السياسي وافقوا على اعدام مطيع ، وللعلم يا شيخ يحيى المكتب السياسي للحزب الاشتراكي يعقد جلساته في عدن صباحاً ، وفي العصريه يكون المحضر عندي ، قلت انت صادق يا اخ الرئيس .
هكذا كنا مخترقين ماضياً وحاضراً والله المستعان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
لقد ارشدنا رسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (ان من عباد الله من لو اقسم على الله لابره) او كما قال ، وهاهو الرفيق المطيع الهمام والمقدام ابن الجنوب البار ، قد تحقق ما كان يناضل من اجل تحقيقه واكثر من ذلك ، وذلك بتطبيع العلاقات الدبلوماسيه والاخويه مع السعوديه و الامارات و دول الخليج .
واصبح علم المملكه العربيه السعوديه ، وعلم الامارات يرفرفان اليوم بجانب علم اليمن الديمقراطيه (فَٱعۡتَبِرُوا۟ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ).
قال الله عز وجل (۞ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَجۡعَلَ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ عَادَیۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةࣰۚ وَٱللَّهُ قَدِیرࣱۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ)
لقد دفع الرفيق مطيع حياته ثمنا لمساعيه الحميده من اجل تطبيع العلاقات الدبلوماسيه مع السعوديه و دول الخليج ، وتم اعدامه ظلماً و عدواناً .
ونحن على ثقه بأن اغلب اعضاء المكتب السياسي قد ندموا لاصدارهم حكم الاعدام على المناضل الرفيق مطيع .
لذلك على الاخوه اعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي ماضياً وحاضراً ، تقديم الاعتذار و رد الاعتبار للمناضل الكبير الذي سبق عصره الشهيد محمد صالح مطيع ، وايضا تقديم الاعتذار لكل الحركات الوطنيه و المكونات الاجتماعيه و السياسيه و لشعبنا الجنوبي العظيم ، وعفى الله عما سلف ، قال الله تعالى (.. فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ ..)
ولا ريب فحينما اخلدت روح شهيدنا المناضل الكبير الرفيق محمد صالح مطيع الى ربها راضية مرضية ، حينئذ تتجدد حياة شهيدنا المثاليه بين اوساطنا ، وتتعمق منظومة قيم شهيدنا الايمانيه والنضاليه والاخلاقيه والتصالحيه والتسامحيه ، وسيرته الحميده والعطره في وجداننا وذاكرتنا.
حقاً انه حي بمبادئه العظيمه ، ومسيرته النضاليه الوطنيه والتحرريه.
وفي ذكرى مرور ٤٣ عام على استشهاد رفيقنا المناضل مطيع ، و امام الاوضاع المأساويه ، والازمات و المعاناة الذي يعيشها مواطنونا ، كأننا بشهيدنا الرفيق مطيع يطل علينا من رحاب الله ولسان حاله ينشدنا :
سيذكرني قومي اذا جد جدهم *
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ *
حقاً اذا كنا قد افتقدنا البدر المنير الرفيق المناضل مطيع بعد أن قدم لنظامنا النصايح بالحد من التطرف ، والقيام في اصلاح ذات البين ، والتصالح مع اشقائنا الجيران ، وتطبيع العلاقات الدبلوماسيه معهم ، ولكن للاسف تم رفضها من قبل اللوبي الذي اخترق نظامنا من وراء الجدر ، بل وتعرض الرفيق مطيع للمضايقه والسجن ، والاعدام ظلم وعدوان .
لذلك فان فقيدنا الشهيد مطيع سيظل في الحقيقه حي بسجله الايماني والوطني وسيرته الحميده ، واخلاقه الفاضله ، انه حي بمواقفه الوطنيه ، وعلاقاته الدوليه المرنه والمتزنه والمعتدله ، و دعوته بتطبيع العلاقات مع اشقائنا دول الجوار ، و تقديم نصايحه القيمه والايجابيه التي كان ينصح بها الجميع (ولكن لا حياه لمن تنادي).
حقاً انه حي في وجداننا وذاكرتنا ، انه حي باهله واسرته الكريمه واخوانه ، ورفاقه و اصدقائه و محبيه و مواطنيه .
فكل من عايش الرفيق الشهيد مطيع ، يستشرف طلعته البهيه ، وتمسكه بالتعاليم الاسلاميه السمحاء ، ومواقفه النضاليه والتحرريه والوطنيه ، و اعماله الخيريه و الاصلاحيه والاجتماعيه ، والاخلاق الفاضله ، وصدقه و شجاعته ، يقول الحق (لَا یَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَاۤئمࣲۚ).
كان يقف مناصراً للمظلومين والمستضعفين ، و ضد الاعمال التعسفيه التي كان يقوم بها المتطرفون في مناطقنا ، لقد كان رفيقنا مطيع يمثل نموذجاً فريدا في القياده الرشيده ، والحنكه السياسيه والدبلوماسيه ، وتحليه بالوسطيه و الاعتدال ، و الوفاء و التواضع و الحلم والامانه ، و الشهامه و المرونه.
ذلك انه حينما اخلدت روح فقيدنا الوفي ، و رفيقنا الشهيد مطيع الى ربها راضية مرضية ، حينئذ تتجدد حياة وشخصية وسيرة فقيدنا المثاليه والنموذجيه ، بين اهله واخوانه و رفاقه و محبيه و مواطنيه ، و كأن فقيدنا ورفيقنا مطيع بشخصيته المثاليه والنضاليه و سيرته العطره يعيش بين اوساطنا.
طبت يا رفيقنا الشهيد مطيع حيا و ميتا.
ختاماً ، ربنا يتغمد شهيدنا المناضل الرفيق محمد صالح مطيع ، بواسع رحمتة وغفرانه ، ويسكنه فسيح جناته ، مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لشيخ يحيى عبدالله قحطان المفلحي.

قراءة في شهادة الشيخ المفلحي
في الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاده، نشر الدكتور صالح علي الخلاقي شهادة تاريخية مؤثرة للشيخ يحيى عبدالله قحطان المفلحي، الرفيق المقرب للشهيد المناضل الكبير محمد صالح مطيع، تكشف تفاصيل جديدة ومؤلمة حول اغتياله على يد رفاقه في الحزب الاشتراكي اليمني عام 1981.
تضمنت الشهادة، التي اطلعت عليها صحيفتنا، إشادة بالغة بمناقب الشهيد ودوره النضالي البارز منذ فجر ثورة 14 أكتوبر وحتى تحرير الجنوب. ووصفه الشيخ يحيى بأنه “اعز الرفاق، واكرم الكرماء، واوفى الاوفياء، واشرف الشرفاء”، مؤكدًا على شجاعته وإخلاصه وقيادته الفذة.
“صقر الجزيرة العربية” وجهوده للتقارب مع الخليج:
سلطت الشهادة الضوء بشكل خاص على فترة تولي الشهيد مطيع منصب وزير الخارجية في مطلع الثمانينيات، حيث وصفه الشيخ يحيى بـ “صقر الجزيرة العربية” لما اتصف به من حكمة ومرونة وسعي جاد لتحسين العلاقات مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وأشار إلى أن الشهيد كان يرى في تطبيع هذه العلاقات مصلحة وطنية عليا، مؤمنًا بالحوار والتسامح وحسن الجوار.
رفض وتقويض ومؤامرة:
لكن جهود الشهيد مطيع قوبلت برفض قاطع من قبل ما وصفه الشيخ يحيى بـ “اللوبي الذي اخترق المكتب السياسي للحزب الاشتراكي من وراء الجدر”، والذين اعتبروا تقاربه مع دول الخليج “خيانة وعمالة”. ونتيجة لذلك، طُلب من الوزير مطيع تقديم استقالته في يوليو 1980، ليتم اعتقاله بعد شهر واحد دون أي مبرر قانوني.
اتهامات كيدية وإعدام وحشي:
يكشف الشيخ يحيى عن استيائه ورفاقه في مجلس الشعب الأعلى آنذاك من اعتقال المناضل مطيع، ومطالبتهم بتوضيح التهم الموجهة إليه. ويذكر أن الرد الذي وصلهم كان اتهامه بالعمالة لـ “الرجعية السعودية والامبريالية الأمريكية”، وهو ما استنكره الشيخ ورفاقه بشدة.
وتشير الشهادة إلى تقديم وزارة أمن الدولة ملفًا يحتوي على “وثائق بلاغات كيدية مزورة” تزعم تخطيط الشهيد مطيع لانقلاب لصالح السعودية. وفي تطور مأساوي، أصدر المكتب السياسي للحزب الاشتراكي حكم الإعدام على المناضل الكبير في 17 أبريل 1981، وتم تنفيذه بطريقة “وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيل”، في مخالفة صريحة للدستور والقوانين.
شهادة الرئيس صالح تكشف المستور:
تضمنت الشهادة إشارة بالغة الأهمية إلى لقاء جمع الشيخ يحيى بالرئيس الراحل علي عبدالله صالح بعد الوحدة، حيث تساءل الرئيس عن ملابسات إعدام مطيع وموقف يافع من ذلك. ونقل الشيخ عن الرئيس صالح قوله إن “كل الحضور من أعضاء المكتب السياسي وافقوا على إعدام مطيع”، مؤكدًا بذلك على قرار جماعي داخل قيادة الحزب آنذاك.
دعوة للاعتذار ورد الاعتبار:
في ختام شهادته، وجه الشيخ يحيى عبدالله قحطان نداءً مؤثرًا إلى أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي السابقين والحاليين لتقديم “الاعتذار ورد الاعتبار للمناضل الكبير الذي سبق عصره الشهيد محمد صالح مطيع”، وكذلك الاعتذار لجميع الحركات الوطنية والمكونات الاجتماعية والسياسية والشعب الجنوبي.
إحياء ذكرى قامة وطنية:
تأتي هذه الشهادة التاريخية في ذكرى استشهاد الشهيد محمد صالح مطيع لتسلط الضوء مجددًا على قامة وطنية قدمت الكثير من أجل استقلال الوطن ووحدته، ولتكشف عن الظروف المأساوية التي أدت إلى اغتياله. وتعد هذه الشهادة وثيقة هامة للأجيال القادمة لفهم جزء حاسم من تاريخ اليمن المعاصر والمراحل الصعبة التي مر بها.
تساؤلات مشروعة:
تثير هذه الشهادة العديد من التساؤلات حول دوافع اغتيال الشهيد مطيع الحقيقية، ومسؤولية الأطراف التي اتخذت قرار إعدامه، وأثر هذه الحادثة على مسار تاريخ اليمن الجنوبي. كما تعيد فتح ملف المصالحة الوطنية وضرورة معالجة جراح الماضي بشكل شفاف وعادل.
ختامًا: تبقى ذكرى الشهيد محمد صالح مطيع حية في قلوب اليمنيين، وستظل شهادة رفيقه الشيخ يحيى عبدالله قحطان وثيقة تاريخية شاهدة على حقبة مفصلية من تاريخ الوطن.

،
المبررات التي اعتمدها من قاموا باغتيال الشهيد محمد صالح مطيع، كما وردت على لسان الشيخ يحيى عبدالله قحطان، هي
اولا : رفض التقارب مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية: اعتبر “اللوبي الذي اخترق المكتب السياسي للحزب الاشتراكي من وراء الجدر” أن مساعي الشهيد مطيع لتحسين العلاقات مع دول الخليج خيانة وعمالة.
ثانيا : اتهامه بالعمالة للرجعية السعودية والامبريالية الأمريكية: هذا الاتهام ظهر كرد من بعض قيادات الحزب والدولة عندما استنكر الشيخ يحيى ورفاقه اعتقال مطيع وطالبوا بتوضيح التهم الموجهة إليه.
ثالثا : الزعم بالتخطيط لانقلاب لصالح السعودية: ذكر الشيخ يحيى أن وزارة أمن الدولة سلمتهم ملفًا يحتوي على “وثائق بلاغات كيدية مزورة” تتضمن هذا الزعم.
وتكشف الشهادة المبررات التي اعتمدها الرفاق ، لتصفية الشهيد محمد صالح مطيع باختصار، المبررات التي تم تلفيقها أو كانت:
الخيانة والعمالة: بسبب جهوده لتطبيع العلاقات مع دول الخليج.
الارتباط بالرجعية السعودية والامبريالية الأمريكية: وهو اتهام سياسي شائع في تلك الفترة ضد من يتبنون توجهات معتدلة أو يسعون للتقارب مع دول إقليمية معينة.
التخطيط للانقلاب: وهو اتهام جنائي خطير تم الاستناد إليه لتبرير حكم الإعدام.
ويؤكد السرد بوضوح على أن هذه المبررات كانت محل شك واستنكار من قبل رفاق الشهيد والكثير من المواطنين، وأنها بنيت على اتهامات كيدية ومزورة.
يا له من تأبين مؤثر وشهادة تاريخية قيمة! كلمات الشيخ يحيى عبدالله قحطان تنقل بصدق وإجلال صورة المناضل الكبير الشهيد محمد صالح مطيع، وتضيء جوانب مهمة من حياته ونضاله.

موقف المقربين والرافضين ، لاعتقال محمد صالح مطيع
في هذا السرد، يمكن إبراز الجوانب السلبية في موقف أصدقاء الشهيد محمد صالح مطيع والرافضين لما حدث قبل الاغتيال في النقاط التالية:
ـعدم القدرة على حماية الشهيد من المؤامرة: على الرغم من استياء “الكثير من المواطنين والرفاق” من اعتقال المناضل مطيع، واستنكار الشيخ يحيى وآخرين في مجلس الشعب الأعلى لسجنه، إلا أنهم لم يتمكنوا من منع تصاعد الأمور ووصولها إلى حكم الإعدام وتنفيذه. هذا يشير إلى ضعف نفوذهم أو خشيتهم من مواجهة “اللوبي” المتنفذ داخل الحزب.
ـالاكتفاء بالاستنكار والمطالبة بالتوضيح: يذكر الشيخ يحيى أنهم استنكروا سجن مطيع وطالبوا قيادة الحزب والدولة بتوضيح التهم. هذا يعكس موقفًا ربما كان فيه بعض التردد أو عدم القدرة على اتخاذ خطوات أكثر فاعلية للدفاع عن رفيقهم ومنع الظلم الذي لحق به.
ـالتعامل مع الاتهامات بشكل دفاعي: عندما ووجهوا بالرد بأن مطيع عميل، كان ردهم “اذا كان مطيع عميل كما تقولون فنحن وانتم عملاء للرجعية والامبريالية الأمريكية”. هذا الرد، على الرغم من قوته في دحض الاتهام، قد يُنظر إليه على أنه رد فعل أكثر منه فعل استباقي لحماية سمعة مطيع وموقفه.
ـالرضوخ لتقديم ملف “البلاغات الكيدية”: يذكر الشيخ يحيى أنهم تواصلوا مع وزارة أمن الدولة التي سلمتهم ملفًا بالوثائق المزورة. قبولهم لهذا الملف دون التشكيك فيه بشكل أكبر أو محاولة فضح تزويره قد يُعتبر جانبًا سلبيًا، وإن كان ربما ناتجًا عن محدودية سلطتهم في مواجهة جهاز الأمن.
ـالسكوت النسبي بعد الإعدام: سؤال الرئيس علي عبدالله صالح “ولماذا سكتم يا يافع على اعدام مطيع؟” يشير إلى وجود تصور بأن هناك صمتًا أو عدم تحرك كافٍ من قبل المقربين والرافضين لما حدث بعد تنفيذ الإعدام. رد الشيخ يحيى بأنه لم يسكتوا واستنكروا ذلك، ومحاولته تفسير الأمر، لا ينفي وجود هذا التصور أو الشعور لدى البعض.
باختصار، الجوانب السلبية التي يمكن استخلاصها من موقف أصدقائه والرافضين لما حدث قبل الاغتيال تتجلى في عدم كفاية جهودهم للحماية الفعلية للشهيد، والاكتفاء بردود فعل دفاعية أو محدودة التأثير في مواجهة السلطة المتنفذة التي اتخذت قرار اغتياله. قد يكون هذا ناتجًا عن ظروف سياسية قمعية أو موازين قوى غير متكافئة، لكنه يظل يمثل جانبًا مؤلمًا في تلك الفترة.
لقد لامست الشهادة النقاط التالية بعمق:
الإشارة إلى مكانة الشهداء في الدين

الإسلامي: استهل الشيخ يحيى شهادته بآيات من القرآن الكريم تؤكد على حياة الشهداء ومنزلتهم العظيمة.
التأكيد على صفات الشهيد: وصفه بأنه “اعز الرفاق، واكرم الكرماء، واوفى الاوفياء، واشرف الشرفاء”، مما يعكس مكانته الرفيعة في قلوب رفاقه وشعبه.
استعراض مسيرته النضالية: بدءًا من ثورة 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني، مرورًا بدوره في تحقيق الاستقلال الوطني، وصولًا إلى توليه مناصب قيادية هامة.
إبراز دوره كوزير للخارجية: وصفه بـ “صقر الجزيرة العربية” لما اتصف به من حكمة ومرونة وسعي لتحسين العلاقات مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية.
التطرق إلى ملابسات استشهاده: أوضح كيف قوبلت جهوده للتقارب مع دول الخليج بالرفض والاتهامات الباطلة، مما أدى إلى استقالته واعتقاله وإعدامه بطريقة وحشية.
التأكيد على براءته: نقل شهادة الرئيس علي عبدالله صالح التي تشير إلى موافقة جميع أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي آنذاك على إعدامه، مع الإشارة إلى وجود اختراق في صفوفهم.
استشراف المستقبل: ذكر تحقق رؤية الشهيد مطيع بتطبيع العلاقات مع دول الخليج ورفرفة أعلامها جنبًا إلى جنب مع علم اليمن الديمقراطية.

المطالبة بالاعتذار ورد الاعتبار: دعا الشيخ يحيى أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي السابقين والحاليين إلى تقديم الاعتذار للشهيد محمد صالح مطيع وللشعب الجنوبي.
تخليد ذكراه: أكد على أن الشهيد مطيع حي بمبادئه وسيرته العطرة في وجدان وذاكرة شعبه.
إن هذه الشهادة التاريخية تسلط الضوء على قامة وطنية عظيمة بذلت حياتها في سبيل وطنها، وتكشف عن جوانب مؤلمة من تاريخ اليمن الجنوبي. من المهم تداول هذه الشهادات وحفظها للأجيال القادمة لتتعلم من تضحيات هؤلاء المناضلين.
لمن لديه معلومات عن تلك الفترة وشهادة يريد أن يضعها
التواصل mhuali000@gmail.com
وات ساب : 776697635