جاء البيان الصادر اليوم عن حلف قبائل حضرموت عقب الاجتماع الاستثنائي الذي عُقد بدعوة من الحلف في منطقة العليب بهضبة حضرموت في توقيت حساس، ليعكس محاولات الحلف إعادة تموضعه كصوت رئيسي يعبر عن تطلعات أبناء حصرموت، البيان أكد على الحكم الذاتي كهدف استراتيجي لا تنازل عنه، وأشار إلى الترحيب بخطة الاستجابة الرئاسية للمطالب الحضرمية، مع التأكيد على مد الأيدي للتفاهم حول تنفيذها، ورغم ما حمله البيان من رسائل اتسمت بالتوازن والحرص على وحدة الصف، إلا أنه كشف عن نقاط غموض وضعف تجعل تحقيق الأهداف المعلنة تحديًا صعبًا .
إصرار الحلف على الحكم الذاتي يعكس طموحًا حضرميًا مشروعًا لطالما نادى به أبناء المحافظة، إلا أن البيان اكتفى بالإعلان عن هذا الهدف دون تقديم رؤية عملية واضحة حول آليات تنفيذه أو كيفية التغلب على العقبات السياسية والإدارية التي قد تواجهه، كما أن دعوته إلى تشكيل لجان متخصصة لإعداد تصورات تنفيذية تُظهر غياب خطة متكاملة لدى الحلف، ما قد يُضعف الزخم الذي يحاول خلقه .
البيان شدد على ضرورة مكافحة الفساد والتحقيق في تهريب النفط الخام، وهي مطالب تُظهر رغبة واضحة في تعزيز الشفافية وإعادة السيطرة على الموارد، لكنّه لم يربط هذه المطالب بمشروع متكامل يوضح كيف يمكن استغلال ثروات حضرموت لتحقيق التنمية المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، علاوة على ذلك، فإن الإشارة إلى التجنيد، الذي كان قد أُعلن عنه سابقًا، غابت تمامًا عن البيان، رغم أن بناء قوة حضرمية خاصة يُعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق الحكم الذاتي، هذا الغياب قد يُضعف من مصداقية البيان لدى الشارع الحضرمي، الذي يتطلع إلى خطوات أكثر جدية وملموسة .
التناقض الواضح في الخطاب تجاه التحالف العربي والسلطة المحلية يثير تساؤلات حول استراتيجية الحلف المستقبلية، فالبيان أشاد بدور التحالف العربي رغم عدم تجاوبه الفعلي مع المطالب الحضرمية، وهاجم السلطة المحلية في المحافظة مع الإقرار بخطوات إيجابية قامت بها، هذا التناقض قد يُفهم على أنه محاولة لإرضاء جميع الأطراف دون تقديم موقف استراتيجي واضح، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف الحلف أمام خصومه ومؤيديه على حد سواء .
رغم ذلك، يُحسب للحلف محاولته الحفاظ على توازن خطابه بين التصعيد والانفتاح، إذ أشار إلى ترحيبه بخطة الاستجابة الرئاسية واستعداده للحوار، مع التحذير من أي مساس بمواقعه أو رجاله، هذا التوازن يُظهر حرص الحلف على إبقاء خياراته مفتوحة، لكنه في الوقت نفسه يعكس افتقارًا إلى الوضوح والحسم المطلوبين في هذه المرحلة الحرجة .
في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم هو قدرة الحلف على تحويل هذا البيان إلى خطوات عملية تحقق تطلعات أبناء حضرموت، ما تحتاجه حضرموت في هذه المرحلة ليس فقط خطابًا متوازنًا، بل رؤية واضحة وشاملة توحد الصف الحضرمي، وتضع الحلف في موقع القيادة القادر على إدارة معركة الحقوق بحنكة وذكاء .
وختامًا، يُظهر البيان رغبة في التقدم نحو تحقيق الحكم الذاتي، لكنه بحاجة إلى خطوات أكثر وضوحًا وجرأة لضمان تحويل الطموحات إلى واقع ملموس .