حينما يخون المتاجرون بالوطنية أوطانهم ::

9 يناير 2025آخر تحديث :
حينما يخون المتاجرون بالوطنية أوطانهم ::
ماهر باوزير

الوطنية قيمة عظيمة تعكس إخلاص الفرد لوطنه وتفانيه في خدمته، إلا أن هذه القيمة السامية أحيانًا تتحول إلى مجرد قناع يخفي وراءه الخيانة والمصالح الشخصية، كثيرًا ما نجد أولئك الذين يخونون أوطانهم يزايدون في الشعارات الوطنية ويظهرون بمظهر المدافعين عنها، بينما تكشف أفعالهم عن حقيقة مغايرة تمامًا .

في واقعنا اليوم، أصبحت الوطنية أداة في يد بعض الأفراد والجماعات لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، يرفعون رايات الولاء، ويتحدثون بخطابات حماسية عن حماية الوطن، لكن خلف الكواليس يعملون لصالح أجندات تهدد استقراره ومستقبله، هؤلاء لا يتورعون عن استغلال مشاعر الناس، وتوظيف الخطاب الوطني لاستقطاب الجماهير، بينما ينفذون مخططات تضر بمصالح الوطن الحقيقية .

الوطنية ليست مجرد شعارات تُرفع أو كلمات تُقال، بل هي أفعال وإنجازات ملموسة، هي في بناء المدارس والمستشفيات، في تحسين مستوى المعيشة، وفي تعزيز الاستقرار والعدالة، الوطنية الحقيقية تظهر في مواجهة الأزمات، في تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية، وفي العمل بصدق وإخلاص من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة .

الإعلام الواعي والصادق يلعب دورًا حاسمًا في كشف زيف المتاجرين بالوطنية، عبر تسليط الضوء على الحقائق وكشف التناقضات بين الأقوال والأفعال، يمكن للإعلام أن يكون الدرع الذي يحمي المجتمعات من التضليل، ويعري أولئك الذين يستخدمون الوطنية لتحقيق أجنداتهم الخاصة .

في كل مرحلة من مراحل التاريخ، كانت الخيانة الوطنية أشد ما يهدد استقرار الأمم، الحضارات التي انهارت لم تسقط بسبب أعدائها من الخارج فقط، بل بسبب أولئك الذين خانوا من الداخل، الخيانة ليست مجرد فعل فردي، بل هي خرق للثقة الجماعية التي تربط المواطنين ببعضهم، وتفكيك للنسيج الذي يقوم عليه المجتمع .

لكن رغم كل التحديات، يبقى الأمل حاضرًا، المجتمعات القوية هي تلك التي تدرك أعداءها من الداخل قبل الخارج، وتحاسب كل من يتلاعب باسم الوطن، الأوطان لا تُبنى بالخطابات الرنانة، بل بالعمل الجاد والتفاني في خدمة المجتمع، علينا أن نؤمن أن الوطنية الحقيقية هي في مواجهة التحديات بشجاعة وإخلاص، وفي أن نجعل أوطاننا مكانًا أفضل للأجيال القادمة .

الأوطان العظيمة لا تخشى المؤامرات، فهي تعرف كيف تحمي نفسها بأبنائها المخلصين، سيبقى الوطن شامخًا مهما تآمر عليه الخائنون، وستظل الوطنية الحقيقية هي البوصلة التي تقودنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا .