حضرموت .. نحو رؤية موحدة للتنمية والاستقرار في ظل التحديات الراهنة

6 يناير 2025آخر تحديث :
حضرموت .. نحو رؤية موحدة للتنمية والاستقرار في ظل التحديات الراهنة
ماهر باوزير

::

في ظل الأوضاع المعقدة التي يعيشها اليمن، تظل حضرموت نموذجًا للاستقرار النسبي في بلد تعصف به الأزمات، هذا الاستقرار الأمني الملحوظ انعكس إيجابًا على حالة الاستقرار المجتمعي، مما يجعل المحافظة بيئة مؤهلة لتحقيق قفزة تنموية إذا ما تم استغلال الإمكانات المتاحة وتوحيد الجهود، ومع ذلك، تعاني حضرموت من تحديات تتعلق بضعف الخدمات الأساسية وتضارب المصالح بين القوى السياسية وغياب رؤية موحدة تجمع مختلف الأطراف تحت مظلة واحدة، الحلول الجزئية لم تعد كافية، وهناك حاجة ماسة إلى رؤية شاملة بأولويات واضحة لتحقيق التنمية والاستقرار .

الإرادة للعمل من أجل حضرموت موجودة لدى مختلف الأطراف، لكنها تبدو مشتتة وغير موجهة بشكل كافٍ نحو خطوات عملية ومخططة على أرض الواقع، غياب التنسيق وتعدد المصالح يمثلان أبرز العوائق أمام تحقيق التقدم المنشود، ولتحقيق نقلة نوعية في حضرموت، يمكن العمل على إطلاق مبادرة مجتمعية شاملة تهدف إلى جمع كافة الأطراف السياسية والمجتمعية والاقتصادية للتوافق على أولويات مشتركة ورؤية موحدة تخدم الجميع، هذه الرؤية يجب أن تُصاغ من خلال لجنة مستقلة تضم خبراء من أبناء المحافظة، لضمان الحياد والكفاءة، مع وضع خطة عملية قابلة للتنفيذ، من المهم أيضًا إشراك المواطن كعنصر فاعل في الرقابة والمساءلة ودعم المبادرات الإيجابية، وتعزيز وعيه بدوره في تحقيق التنمية .

الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة قد تكون مصدر إلهام لحضرموت، خصوصًا تلك التجارب التي اعتمدت على التوافق المجتمعي لتجاوز الأزمات، وفي ذات الوقت، يمكن التنسيق مع الداعمين الخارجيين لضمان تقديم الدعم الإقليمي والدولي بشكل مشروط بالتزام الأطراف بتنفيذ رؤية تنموية مشتركة تخدم حضرموت وسكانها .

حضرموت تمتلك فرصة ذهبية بفضل استقرارها الأمني ووعي سكانها وموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية، إذا ما استُثمرت هذه العوامل بشكل صحيح، يمكن للمحافظة أن تصبح نموذجًا للتنمية في اليمن، التحدي الأكبر الذي تواجهه حضرموت اليوم هو قدرة الأطراف المختلفة على توحيد جهودهم وتغليب المصلحة العامة على أي اعتبارات أخرى، النجاح في تحقيق هذا الهدف يعني أن حضرموت لن تكون فقط قادرة على التغلب على تحدياتها، بل أيضًا على تقديم نموذج ملهم لبقية مناطق اليمن، لتكون شاهدًا على أن العمل الجماعي والرؤية الواضحة هما مفتاح بناء المستقبل .