تشهد منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تهديدات عسكرية وأمنية تزايدت مع انخراط جماعة الحوثي في مسار التصعيد الذي تشهده المنطقة.
وكشف تقرير نشره موقع “درج ميديا” أن التوترات المتصاعدة في المنطقة ساهمت في تزايد تنسيق أنشطة الجماعات المسلّحة، وأبرزها جماعة الحوثي في صنعاء وعلاقاتها المتنامية بكل من تنظيم القاعدة في اليمن، وكذلك بحركة “الشباب المؤمن” الصومالية، التي تتبع أيضا تنظيم القاعدة منذ عام 2012م.
وتشير تقديرات الاستخبارات الأميركية إلى وجود تعاون متنامٍ بين الطرفين، وأن توافقًا مصلحيًّا قد يجعل الأمور أسوأ في كل من الصومال والبحر الأحمر وخليج عدن، حيث يشن الحوثيون هجمات مُنظمة على السفن التجارية والأصول العسكرية الإسرائيلية والأميركية منذ بدء الحرب في غزة.
وعلى مر السنوات الماضية، أبدت طهران اهتمامًا بالوجود في البحر الأحمر وخليج عدن، ومع اندلاع الحرب في غزة، وظّفت طهران تلك الحرب لخدمة مصالحها ووكلائها، وذلك من خلال تزويد الحوثيين بالقوارب المفخخة، والألغام البحرية، وأشارت بعض المصادر إلى أن قادة ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني يقدمون البيانات والمعلومات الاستخباراتية لمساعدة الحوثيين في استهداف السفن في البحر الأحمر.
بالتزامن مع استمرار الهجمات الحوثية صرح اللواء يحيى رحيم صفوي، أحد كبار المستشارين العسكريين للمرشد الأعلى الإيراني في مارس الماضي، “أن القوات البحرية والجوية التابعة للحرس الثوري الإسلامي يجب أن تركز على البحر الأحمر والبحر المتوسط”، ووصف صفوي البحرين بأنهما “جزء من العمق الاستراتيجي لإيران”.
بناء على ما سبق، ترى طهران في وجود موطئ قدم لها في أهم الممرات الدولية، تهديدًا لطرق التجارة العالمية، ما يُعد ورقة ضغط يمكنها استخدامها في مفاوضاتها مع القوى الدولية، لا سيما في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، إذ إن التعاون بين الحوثيين وحركة “الشباب” برعاية إيرانية، يمكّن طهران من السيطرة على باب المندب من الجانبين، كما يسمح لها بتوفير التدريب اللازم للقراصنة الصوماليين، مع تزويدهم بالمعلومات اللازمة لشن هجمات خارج منطقة خليج عدن وغرب المحيط الهندي، بجانب الهجمات الحوثية.
من غير الواضح ما إذا كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المارة في البحر الأحمر من دون التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، ولذلك تهدف الجماعة إلى التواصل مع حركة الشباب، كونها تابعة لتنظيم القاعدة، المعروف بخبراته القتالية النوعية وقدرته على تنفيذ عمليات انتحارية، وهو ما يفتقر إليه الحوثيون.
إضافة إلى ذلك، إذا ما انتهت حرب غزة، تريد جماعة الحوثي أن تحافظ على الزخم الذي اكتسبته من خطابها المناهض لإسرائيل، وذلك بعد تراجع شعبيتها في الأوساط اليمنية، وعليه قد ترغب في بناء علاقات مع حركة الشباب، على الرغم من اختلافهما أيديولوجيًا، حتى تتمكن من إعادة التموضع من مجرد جهة فاعلة محلية إلى جهة فاعلة إقليمية، قادرة على تهديد مصالح القوى الغربية، لا سيما الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي الأول لإسرائيل.
الصحافي الصومالي الشافعي أبتدون، قال: “من شأن التوصل إلى صفقة مع حركة الشباب أن تمكّن الحوثيون من الحصول على رأس مال لتمويل الأنشطة العسكرية للجماعة، لا سيما في ظل تعقب الولايات المتحدة وحلفائها الأموال، التي تصلهم، إذ تمتلك حركة الشباب الأصول المالية اللازمة لذلك، فوفقاً لوزارة الخزانة الأميركية، تحصل الحركة على أكثر من مئة مليون دولار سنويًّا من خلال مصادر تمويل متعددة، من قبيل ابتزاز الشركات والأفراد في الداخل، والضرائب، ورسوم الطرق، والتجارة غير المشروعة هذا إلى جانب العدد الهائل من الكيانات التجارية التابعة لحركة الشباب”.
وفي حال أُبرمت صفقة بين حركة الشباب وبين الحوثيين، يرى أبتدون أن “حركة الشباب ستستفيد من الوصول إلى مصدر جديد للأسلحة، وتأمين خطوط إمدادها القادمة من اليمن عبر الحوثي، وذلك بعد خسارتها منافذ بحرية مطلّة على المحيط الهندي مطلع عام 2023، تحديدًا بعدما فقدت السيطرة على مدن ساحلية في إقليم جلمدغ، بعد تزايُد الضغط العسكري عليها من الحكومة الصومالية”.