عقدت الهيئة التنفيذية العُليا للمفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد اجتماعها الدوري لشهر فبراير يوم السبت 20/2/2021 في العاصمة عدن وقد ناقش الاجتماع عدداً من القضايا التنظيمية المتعلِّقة بفرع المفوضية في محافظة أبين ، وأشاد بنشاطه على الرغم من محاولات بعض الجهات الغارقة في وحل الفساد والإفساد عرقلة تحرُّك قيادته ، وشدَّد الاجتماع على سرعة تأسيس فرع عدن ..
كما ناقش الاجتماع بمسؤولية وطنية وأخلاقية المستجدَّات الخطيرة المتعلِّقة بحياة شعبنا الجنوبي وقواته العسكرية والأمنية ، وأخطرها قضية قطع الرواتب ، التي تنذر بثورة الجياع العارمة .. وقضية مافيا الأراضي التي تجاوزت الحدود في النهب والبسط وفوضى البناء العشوائي ، وأقرَّ الاجتماع إرسال الرسائل الآتية :
الرسالة الأُولى :
إلى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ..
انقذوا شعب الجنوب الذي لم يُفوَّضكم لإدارة قضيته السياسية المشروعة والتعبير عن إرادته وخياراته واستحقاقاته وأهدافه المعلنة التي قدَّم من أجلها أغلى التضحيات فحسب ، وإنَّما فوَّضكم كذلك لحماية وجوده وصيانة حقوقه في الأمن والاستقرار ، والأمن الغذائي والعيش الكريم واستعادة ثروانه وموارده المنهوبة ..
انقذوا شعبكم من الموت جوعاً ومرضاً بسبب قطع الرواتب المخطَّط والممنهج من الجهات التي تمادت في الفساد والإفساد والإجرام والإرهاب والقتل الجماعي ، ضمن حربها الشاملة المكشوفة والمقنَّعة ضدَّ الجنوب ، فقطع الرواتب هو أبشع جرائم الحرب وأبشع صور الإبادة الجماعية ..
أنَّنا لنُبلغم أنَّ السيل قد بلغ الزُّبى وأنَّ صبر شعبنا وتحمُّله قد نفدا وأنَّ أغلب الأسر تختزل الوجبات إلى وجبةٍ واحدةٍ في اليوم لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، وأنَّ العديد من الأُسر الجنوبية الكريمة والعزيزة لاتجد تاراتٍ ما تأكله ولا دواء لمرضاها ، لا سيما تلك الأُسر التي تعتمد على الرواتب وليس لديها مصادر دخلٍ أُخرى ، في ظلِّ التصاعد الجنوني للأسعار ، والانهيار المتواصل للقيمة الشرائية للعملة ، وفي ظلِّ التلاعب بالإغاثات الغذائية والدوائية الممنوحة من مركز الملك سلمان والمنظمات الدولية ..
إنَّنا في المفوضية الجنوبية المستقلَّة لمكافحة الفساد ، بوصفنا مفوضي شعب الجنوب في مكافحة الفساد والإفساد ، ومندمجين به وقريبين من معاناته المفروضه عليه قهراً ، نلمس ما لم تلمسوه ، ونشاهد ما لم تشاهدوه من صورٍ فضيعةٍ لمجاعةٍ قاتلةٍ وقاهرةٍ ، وتنهال علينا الشكاوى من كُلِّ حدبٍٍ وصوب تجعلنا نشعر أنَّ ثورةً للجياع قادمةً لا محالة لا ترحم أحد ، وربما تصعب السيطرة عليها إذا استمرَّ هذا الوضع ولم تسارعوا في الضغط على الجهات المعنية لدفع الرواتب المقطوعة المتراكمة ..
أنَّ الرواتب المقطوعة والمتراكمة تجاوزت 40 شهراً من الأعوام 2016 و2017 و2018 و2019 و2020 للعسكريين والأمنيين المتقاعدين والمقاعدين والمقصئين قسراً ، فضلاً عن شهر فبراير 2021 إذا ما استمر الانقطاع ، ثم شمل قطع الرواتب ل 7 أشهر من العام الماضي 2020 م كُلَّ الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية المداومة بما في ذلك المرابطين في جبهات الصمود والتصدي والدفاع عن الأرض والعرض والشرف الجنوبي والعربي في الضالع وأبين وكرش والصبِّيحة ، في ظلِّ استمرار رواتب جبهات مأرب والساحل الغربي ، وهي مفارقة مفضوحة وتمييز مكشوف ، وفي ظلِّ استقرار وضع القيادات السياسية والإدارية والعسكرية التي تحصل على الرواتب والمكافآت العالية وتستنزف الموارد الجنوبية والمنح المقدمة ، فلا يكترث أولئك لمعاناة شعب الجنوب وقواته العسكرية والأمنية ، لاسيما الجنود العسكريين والأمنيين الجنوبيين ..
أنَّ ما يُلاحظ من مظاهر حركة البناء والحركة التجارية والأفراح بالأعراس وغيرها ، وبعض مظاهر الترف والبذخ التي توحي بأن الحياة طبيعية، وأنَّنا نبالغ في الوصف ونهوِّل في تصوير حياة الناس إنَّما هي محدودة ومحصورة على بعض المغتربين والتجار والقيادات السياسية والعسكرية ، أمَّا الجانب الآخر من حياة الأُسر الجنوبية فيبعث على الأسى والألم والحُزن والشفقة والخجل والقهر ..
أنَّ الرواتب هي حقوق مشروعة لا تبرر ظروف الحرب انقطاعها ، فلم تنقطع الرواتب في كُلِّ حروب العالم ، وإذا تعذَّر الإيفاء بها فإنَّ الدول والسلطات المعنيَّة تحلُّها ببدائل وتعويضات أخرى للحفاظ على حياة شعوبها ومقاتليها ..
أنَّ المماطلة والتسويف والوعود العرقوبية بصرف الرواتب ، وأُسطوانة الإكراميات المصروفة والموعودة هي مُسكِّنات ومهدِّئات لا تجدي ، ولا تمنع ثورة الجياع ، فقد تكرَّرت الوعود والعهود السرابية الرامية إذلال شعبنا الجنوبي وموته البطيء ، وأضعاف قواته العسكرية والأمنية لتمرير مشاريع القوى الاحتلالية اليمنية المكشوفة ، وتحقيق الأهداف المغرضة بعد أن انكسرت مليشيات تلك القوى بصخرة جبهات الجنوب الصامدة ..
أنَّ الله لا يقبل تعذيب شعبٍ مؤمنٍ وكريمٍ وأبيٍّ وصادقٍ ووفيٍّ لقيادته وواثقٍ بها ، وأنَّ سكوت قيادته ظلمٌ وقهرٌ ، فافعلوا شيئاً ينقذ شعبكم من الموت الجماعي والإذلال وإضعاف قواته العسكرية والأمنية الصامدة في الجبهات ..
إنَّنا لنخاطبكم أنتم باسم شعبكم ، ونلومكم أنتم ، فلشعبكم عليكم حق رفض تجويعه وإذلاله وقهره ، ولا نخاطب المحتل، ولا نلومه ولا نشكو إليه ، ولا نستنكر أفعاله بل نواجهه بكُلِّ وسائل الرفض ..
الرسالة الثانية :
إلى القائد أحمد حامد لملس محافظ عدن ..
إنَّنا لنبارك باسم أبناء عدن وأبناء الجنوب قاطبةً خطواتك وقراراتك الجريئة والشجاعة والعادلة والمنصفة ، لاسيما المتعلِّق منها بالبدء بمحاربة الفساد ووقف طاحونته وتجفيف منابعه ..
كما نُقدِّر تجاوبك مع اعتصام العسكريين والأمنيين الجنوبيين وخطواتهم التصعيدية ، ومساعيك للتخفيف من معاناتهم ، بيد أنَّ وضعهم عاد إلى المربَّع الأول ، وأنَّ معاناتهم عادت إلى نقطة الصفر مع تعميم ذلك على كُلِّ الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية كما تقدَّم ..
أنَّنا إذ نُقدِّر مواقفك نتمنَّى عليك الإقدام على خطوة شجاعة وجريئة هي حقٌّ وعدلٌ وإنصافٌ لإنقاذ أبناء عدن وأبناء الجنوب ، وهي اتخاذ قرارٍ بتغيير مسار موارد عدن بتوريدها إلى البنك الأهلي (الجنوبي) تحت حساب خاص بالمحافظة لتوظيفها في مصلحة أبناء عدن وأبناء الجنوب وصرف الرواتب بدلاً من توريدها إلى البنك المركزي اليمني لتكون فريسةً للفاسدين ، ويكون مصيرها أسوأ من مصير الوديعة السعودية ، ولتثق أنَّ هذا القرار مشروع أسوةً وقياساً ومقارنةً بمحافظة مأرب التي لا تورِّد إيراداتها إلى البنك المركزي بعدن وإنَّما تستغلُّها لمصلحة أبنائها ..
لقد تبيَّن وثبت أنَّ قرار شرعية الفساد والإفساد بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن إنَّما كان بتفكير وتخطيط مغرض، ليكون وعاءً لابتلاع موارد عدن ومحافظات الجنوب الأخرى للتحكُّم بها وحرمان شعب الجنوب منها وتوظيفها لتنفيذ مشاريع القوى الاحتلالية اليمنية وتسخيرها في الحرب ضدَّ الجنوب التي تتعاون وتتناغم فيها تلك القوى الاحتلالية بشقيها الشرعي والانقلابي ، فيقهرون شعب الجنوب ويقتلونه بموارده وثرواته ، فلم تكفهم موارد ثروات الجنوب النفطية والغازية والمعدنية والسمكية وغيرها التي يتشبَّثون بها ويضاعفون وتيرة نهبها واستنزافها ..
الرسالة الثالثة :
إلى أهل الخير ..
نناشدكم لمدِّ يد العون والمساعدة والإغاثة للأُسر المحتاجة التي تتضوَّر جوعاً ، وهي عزيزةٌ وعفيفةٌ في بيوتها .. ابحثوا عنها بوسائطكم النزيهة والأمينة .. ونشكر أولئك الذين فتحوا أفراناً لتقديم الخبز للأُسر المحتاجة في عدن وأبين ..
الرسالة الرابعة : إلى قيادة التحالف العربي ..
ندعوكم إلى إعادة النظر في التعامل مع شعب الجنوب وقواته العسكرية والأمنية، ومقابلة الوفاء بالوفاء ، وتحمُّل المسؤولية الدينية والأخلاقية ووالإنسانية وأداء الواجب وتقديمه لمَنْ يستحقُّه ..
الرسالة الخامسة :
إلى أعضاء الجمعيات السكنية في محافظة عدن ومُلَّاك الأراضي ..
ندعوكم إلى الاستعداد لتلبية ندائنا ومعنا الجهات المعنية المسؤولة والحريصة على جمعياتكم السكنية وأراضيكم التي تتعرَّض للنهب والسطو وفوضى البناء العشوائي والبيع والشراء فيها في الوقت المناسب الذي نحدِّده لكم للضغط على الفاسدين والنافذين لوقف عبثهم ومحاسبتهم واستعادة حقوقكم المسلوبة..
والله الموفِّق إلى السداد والرشاد ..
صادر عن المفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد
العاصمة عدن 21/2/2021