بقلم/ امل مصطفى
عند اشراقة شمس كل صباح تتعدد الأمنيات فى القلوب شوقا لتحقيقها ويسطع البريق فى العيون املا ورجاء من الله لتيسيرها..
فما هى أمنياتنا التى نرجوها غاية اهدافنا التى نسعى اليها؟ جميع الأمنيات تنحصر فى أمنية واحدة وهى الشعور بالسلام الداخلى والأمن والإطمئنان..فما أجملها أمنية ، ما أجمل شعور الإنسان حين ينسى ويتجاوز عثرات وصعوبات الزمن والأيام و يشعر فى نفسه بالأمان والسلام والتصالح مع الذات..
عندما نتغافل ونتجاوز أوجاعا اخذت من العمر سنين ، فهو قوة وصبر وإيمان ، ويقين بأن الله لا ينسى أبدا ، قهرا أو ظلما مزق العروق ألما، ونزف القلب منه وجعا ، ويعوضنا دائما عنه بكل الخير..
تقسو علينا الحياة أحيانا ويقسو علينا البعض غالبا ، ويتملك حينها القلب إحساسا وشعورا بغيضا وهو الكره للذين أفسدوا علينا كل جميل فى الحياة، وأفسدوا فينا القدرة على الحب والعطاء والعفو والغفران ، وحاولوا ان يقتلوا فينا بدم بارد الحلم والأمل والثقة فى أنفسنا ، لولا نور الله الذى يشرق فى أرواحنا فيحييها..
تقول الكاتبة أيلاف شفيق (لا أريد أن أعني لأحد شيئا، إني أريد السلام ، السلام الداخلي الذي يكون دون مدد من أحد ، بل من الله يُسكب في القلب) ..
قد نصادف أناسا رغم علامات الزمن عليهم وتأثيره ورسم خطوطه فى ملامحهم ، إلا أن النور والإشراق الذى يسطع منهم يجعلنا نميزهم من بين البشر ونعرفهم، بل نسعى اليهم ، هم من يتمتعون بالسلام النفسى والتصالح الذاتى فتكون صحبتهم جنة، والمكوث بجانبهم بمثابة الطاقة الإيجابية التى تساعد على تجاوز عثرات الحياة..
ولكن كيف السبيل إلى التصالح الذاتى ، والسلام النفسى وسط هذا الصخب من الأحداث والتوتر فى الأجواء ، والصراعات ، والمشاحنات اليومية كيف ننعم بالسلام فيكِ يا دنيا ونحصل على كنز السكينة فى قلوبنا ؟.
إن العثور على السلام الداخلي يعد إنجازًا رئيسيًا للحياة وعلى الرغم من أنه شعور يصعب الوصول إليه ، الا ان المحافظة عليه هى الأصعب، درب عقلك على التعامل مع الحياة كما هي، وليس كما تظن أنها يجب أن تكون ، أؤمن بالسلام واعمل على تطبيقه لا تكتفِ فقط بالحديث عنه.
ولكى تصل الى هذه الحالة النورانية عليك اولا ان تتصالح مع ذاتك وتتقبلها وتتوقف عن معاتبتها ولومها ، وتحفز وتشجع نفسك على المزيد من التطور، وابعث فى روحك الثقة دائما ، واختلِ مع نفسك فى جلسة هادئة على انغام عذبة ترتشف فيها كوبا من الشاى الدافئ ومع كل رشفة منه رضا وعزيمة واصرار وطمأنينة ، تنفس الهواء النقى واحمد الله على نعمة الحياة والوجود والأمل فى غد أفضل..
عند التصالح مع ذاتك سوف تتصالح مع العالم وتنظر اليه نظرة اخرى ، وترى النور يشرق على روحك فيوقظها من ثباتها، ويتدفق الشعور بالنشاط والإبداع إلى أرجاء نفسك وتكون أقوى بذاتك ، فلا يستطيع احد ان يهزمك ، وتقبل العثرات وكلك إصرار وعزم على تخطيها واجتيازها، طور حياتك وصفِ ذهنك من الأفكار التى تؤرقك ، وخذ قسطا كافيا من الراحة ليتمكن العقل من التفكير السليم واجتياز الكثير من المشاكل، اعمل كل عمل تحبه وترتاح فيه نفسك هذا يساعد على تجديد كثير من الطاقة السلبية المشحونة داخلك ، جدد طاقتك دائما بالإبداع والعمل والنشاط والرياضة ، واتبع كل سبيل يخلصك من أى قلق وتوتر ، وأول السبل هو التغافر والتغافل عن الكثير من الأفعال التى لا تروق لك والتجاوز عنها برقى ..
يقول الإمام محمد الغزالى رحمه الله ( مرَّ المسيحُ عليه السلام بقومٍ فقالوا له شرًّا ، فقال لهم خيرا ، فقيل له إنهم يقولون شرًّا ، وتقول لهم خيرا ؟ فقال: كلُّ واحدٍ يُنْفِقُ مما عنده) ..
إن السلام هو اسم من أسماء الله تعالى عند ذكره نستمد منه الأمن والأمان والحب، و هو أحد المشاعر الإنسانية الراقية ، والروحانية التي يتمسك بها الإنسان في سبيل تحقيق كل آماله وأمنياته ، وذلك يتطلب الاتصال الروحى مع الله فى كل وقت وحين..
إذًا لا شيء يمكن ان يجلب السلام لك غير نفسك ، وانتصار مبادئك ، والتصالح مع ذاتك وقبولها والتوكل دائما على الله ..
لابد ان نحرص دائما على وجود السلام الداخلى فى حياتنا اليومية ليعم السلام ارجاء الحياة .. قل وداعا لكل تعثر مضى ، وودع الأشياء التى تأبى أن تأتى فثمة اشياء نحبها ولكن لم تكتب لنا ، تنفسوا القادم تفاؤلا واملا ، تنفسوه سعادة مهما كانت التحديات ..
أرجو من الله السلام ان يسلم ديننا ودنيانا وأبداننا ، وعقولنا وحياتنا ، وأهلينا وأحبابنا ، وكل شىء فينا ، من كل فتنة وسوء وضر ..