لصور !

19 أغسطس 2024آخر تحديث :
لصور !
بقلم: سامي الكاف

ثمة اعتقاد بأن الخضر ناصر لصور استثمر قربه من الرئيس عبدربه منصور هادي إذ ينحدر كلاهما من أبين، وحصل الأول من الثاني على قرار جمهوري بتعيينه رئيساً لجامعة عدن، شأنه في ذلك شأن كثيرين، غير مستحقين، حصلوا على قرارات جمهورية بطريقة مخالفة لمعايير شغل الوظيفة العامة على حساب كفاءات وطنية مستحقة كانت تعتقد واهمة أن أخطاء الماضي لن يتم تكرارها.
وفي هذا التعيين بالذات، باعتباره واجهة للعمل الأكاديمي على مستوى عدن بشكل خاص وعلى مستوى اليمن بشكل عام، كان الأمر بمثابة كارثة من العيار الثقيل ليس باتجاه صفوة النخب الأكاديمية والتعليمية والاجتماعية فقط، بل وبحق معايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة.
كان الخضر، قبل تعيينه رئيساً لجامعة عدن، لا يمتلك أية علاقة أكاديمية تدريسية ممتدة لسنوات متصلة لا بجامعة عدن ولا بغيرها من الجامعات اليمنية. كان الرجل ببساطة شديدة يشغل منصباً إدارياً باعتباره مديراً عاماً لمكتب وزارة الصحة بعدن لفترة زمنية متصلة تجاوزت ١٥ عاماً (٢٠٠٠ – ٢٠١٦).
قبل الكشف عن كون قرار التعيين مخالف لمعايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة، تأملوا الأرقام التالية – على سبيل المثال لا الحصر – لنقترب من شخصية الرجل: يقول في سيرته الذاتية في موقع جامعة عدن الإلكتروني انه من مواليد ١ يونيو ١٩٦٠ قرية النجدة، مديرية لودر، محافظة أبين، وانه في السادسة من عمره درس مراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية من عام ١٩٦٦ إلى عام ١٩٧٨ (ملاحظة: مجموع الدراسة الابتدائية والثانوية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هي ١٢ سنة بواقع ٨ سنوات للابتدائية و ٤ سنوات للثانوية). لم يحدد الخضر اسم مدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية التي درس بها وأين تقع. وحال اكماله الثانوية في العام ١٩٧٨ أي عندما كان في عمر ١٨ سنة بدأ دراسته الجامعية في كلية الطب بعدن دون تأدية الخدمة العسكرية: يعني خرج من باب الثانوية مباشرة إلى باب الجامعة.
كتب الخضر انه تخرج من كلية الطب بجامعة عدن عام ١٩٨٥، ومارس مهنة التدريس في كلية الطب بجامعة عدن في العام ١٩٨٥ – ١٩٨٦؛ بمعنى خرج من باب كلية الطب كطالب متخرج ورجع دخل مباشرة إلى نفس الباب لكلية الطب كمدرس وفي نفس الوقت كتب انه مارس مهنة الطب العام في مستشفى البيضاء والمستشفى العسكري بصنعاء ١٩٨٦ – ١٩٩٠؛ وجميعنا يعلم ماذا حدث في ١٣ يناير ١٩٨٦ في عدن جنوب اليمن! (ملاحظة: لم يشر الخضر إطلاقاً إلى انه أدى خدمته العسكرية في سيرته الذاتية وهي خدمة إلزامية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية!!).
حسناً أنسوا لخبطة الأرقام أعلاه ومدى صحتها من عدمها أو مدى واقعيتها وإن كانت دالة – على نحو ما – على شخصية الرجل وعدم مصداقية أرقام عدة في سيرته الذاتية؛ وهو ما سنلاحظه أيضاً في ما يتعلق بشهادة الماجستير وشهادة الدكتوراة.
لا يوجد ذكر لشهادة الماجستير في سيرته الذاتية، عوضاً عن ذلك وفي ما يتعلق بالدراسات العليا، كتب الرجل، التالي: جراحة عامة (السودان) الجزء الأول ١٩٩٢ – ١٩٩٣. جراحة عامة (السودان) الجزء الثاني ١٩٩٣ – ١٩٩٦. أما عن شهادة الدكتوراة فكتب التالي: دراسة عليا (دكتوراة اكلينيكية) في جامعة الخرطوم بالسودان ١٩٩٢ – ١٩٩٦ (!!). من فضلكم لا تتعجبوا؛ بل قارنوا سنوات دراسة الجراحة العامة وسنوات دراسة الدكتوراة.. نحن أمام رجل فعل الأمرين في وقت واحد..!! وسيصبح بعد أربعة أعوام من نيله شهادة الدكتوراة المفترضة مديراً عاماً لمكتب وزارة الصحة بعدن.
انسوا ما جاء بعاليه ولو للحظات.. إليكم الكارثة: جاء القرار الجمهوري رقم ١٢٢ لعام ٢٠١٦ بتعيين الخضر ناصر لصور رئيساً لجامعة عدن بتاريخ ١٨ سبتمبر ٢٠١٦ بالمخالفة لنص المادة رقم ١٢ من قانون الجامعات اليمنية، التي نصت صراحة على أنه “يصدر بتعيين رئيس الجامعة قرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض رئيس المجلس الأعلى للجامعات (الذي هو رئيس مجلس الوزراء)، والوزير المختص، ويشترط أن يكون رئيس الجامعة حاصلاً على درجة الدكتوراة أو ما يعادلها من الشهادات المتخصصة العليا المعترف بها ودرجة الأستاذية [مع عشر سنوات خبرة في العمل الأكاديمي والإداري في جامعة معترف بها بعد الدكتوراة] ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.”
أصبح مدير عام مكتب وزارة الصحة بعدن الخضر ناصر لصور، رغم أنف معايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة، رئيساً لجامعة عدن بقرار جمهوري كما هو موضح أعلاه، وهو الذي جاء من بيئة لا علاقة لها بالعمل الأكاديمي التدريسي ليس فقط لتضارب الأرقام والمعلومات الواردة في سيرته الذاتية، بل وبحكم عمله كمدير عام لمكتب وزارة الصحة بعدن خلال الفترة نفسها التي من المفترض أن يكون فيها متفرغاً للعمل الأكاديمي كما هو موضح أعلاه.
ولأنه لم يحدث رد فعل يكشف فداحة كارثة صدور القرار الجمهوري بالتعيين المخالف لمعايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة، راح الرئيس الجديد لجامعة عدن يتعامل بالطريقة ذاتها التي أصدر بها رئيس الجمهورية قراره الجمهوري، بطريقة مخالفة لمعايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة، وراح يصدر قرارات تعيين عمداء الكليات بالمخالفة لنص المادة (٢٣) من قانون الجامعات اليمنية، التي نصت صراحة على أنه “يعين رئيس المجلس الأعلى للجامعات (الذي هو رئيس مجلس الوزراء) عميد الكلية من بين ثلاثة يرشحهم رئيس الجامعة ويشترط في العميد أن يكون حاصلاً على الدكتوراة أو ما يعادلها من الشهادات التخصصية العليا المعترف بها ودرجة أستاذ أو أستاذ مشارك وخبرة ست سنوات في العمل الأكاديمي والإداري ولفترة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.”
اللافت في الأمر – في نهاية المطاف – أن رئيس جامعة عدن، المحصن بقربه من الرئيس عبدربه منصور هادي، لم يعد يستند إلى ذلك منذ ٧ أبريل ٢٠٢٢؛ فهل هناك من يستند إليه إلى يومنا هذا ليستمر في منصبه ويحول دون اتخاذ ما ينبغي اتخاذه بطريقة تتوافق مع معايير شغل الوظيفة العامة والقوانين النافذة؟!!

Ad Space