لاقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي دعماً واسعاً في برلين؛ محطته الأوروبية الثانية التي وصل إليها أمس من باريس وغادرها لاحقاً متوجهاً إلى لندن.
وأثنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الكاظمي وبرنامجه الإصلاحي، وأكدت أن ألمانيا ستقف إلى جانب بغداد في طريقها «نحو الاستقرار والأمن والنمو الاقتصادي». وشددت ميركل في تصريح صحافي سريع قبيل بدء لقائها الكاظمي، على ضرورة استمرار الدعم الدولي للعراق في الحفاظ على أمنه ومواجهة التحديات التي يمثلها التهديد بعودة تنظيم «داعش». وقالت إن التنظيم الإرهابي «يبقى تهديداً للمنطقة وأبعد»، مضيفة أن ألمانيا «تبقى ملتزمة بمساندة العراق في معركته هذه».
وكررت ميركل في كلمتها كثيراً من كلام الإطراء على حكومة الكاظمي، ورأت أن قرار الدعوة لانتخابات مبكرة العام المقبل يعزز «من ثقة الناخبين بمؤسسات الدولة». وتعهدت بوقوف بلادها إلى جانب العراق في أجندته «الطموح» لتحقيق إصلاحات اقتصادية وتقوية القطاع الخاص.
بدوره، أكد الكاظمي أن العراق يتطلع إلى شراكة حقيقية مع ألمانيا. وقال الكاظمي إنه جاء إلى برلين ليؤكد «التزام العراق برغبته في إقامة علاقات وثيقة والتطلع لشراكة حقيقية». وأقر الكاظمي بأن «العراق يمر بأوقات صعبة بسبب (كورونا)، لكننا شرعنا في برنامج طموح لإعادة هيكلة وبناء الاقتصاد العراقي».
ووافقت الحكومة الألمانية الشهر الماضي على تمديد مهمة القوات الألمانية العاملة ضمن التحالف ضد «داعش» في العراق، ويبقى أن يصوت البوندستاغ (البرلمان الألماني) على قرار التجديد نهاية الشهر الحالي. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قبل شهر في كلمة ألقاها أمام البوندستاغ يحثه فيها على تمديد مهمة القوات الألمانية في العراق، إن حكومة الكاظمي «لديها برنامج إصلاحات طموح»، وأنه يتعين دعمها في التحديات الأمنية. وأثنى حينها كذلك على ما قال إنها محاولات من الكاظمي للتوفيق والموازنة بين النفوذ الأميركي والنفوذ الإيراني في المنطقة. وتحدث عن تعهد رئيس الوزراء العراقي بملاحقة المسؤولين عن التهديدات المتزايدة ضد ناشطين عراقيين بل واغتيال بعضهم.
واجتمع وزراء ومسؤولون رافقوا الكاظمي إلى برلين برجال أعمال ألمان ومسؤولين في قطاعات الاقتصاد والتجارة والزراعة والتنمية الخدماتية والصحية في ألمانيا.
وتقدم ألمانيا إلى جانب الدعم الأمني والاقتصادي للعراق، دعماً في مجال الصحة لمكافحة وباء فيروس «كورونا» الذي ترك بصماته على زيارة المالكي ومنع استقباله بالترحيب العسكري الذي يلقاه عادة رؤساء الحكومات والدول، كما منع كذلك لقاءه الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير الذي كان من المخطط أن يلتقى به ولكنه اعتذر بعد أن اضطر للدخول في حجر صحي قبل أيام بسبب مخالطته مصاباً بفيروس «كورونا».
وكانت ميركل وجهت دعوة رسمية للمالكي لزيارة برلين بعد تسمله الحكومة في مايو (أيار) الماضي. وتقدم ألمانيا للعراق مساعدات مالية تقارب 40 مليون يورو سنوياً لتعزيز جهود الاستقرار. وتهدف برلين من خلال دعمها هذا إلى تقوية قوات الشرطة والأمن العراقية والمساعدة على إعادة النازحين الذين تركوا قراهم بسبب «داعش»، إلى مناطقهم. وقد أعلن الكاظمي عن دعم ألمانيا العراق في هذا الجانب تحديداً في الكلمة التي ألقاها قبيل بدء اجتماعهما أمس. وقال: «ألمانيا تقدم لنا دعماً في إعادة البناء والحرب ضد (داعش)، ولكن هناك مواضيع أخرى نسعى للتعاون حولها خصوصاً تلك المتعلقة بإعادة النازحين واللاجئين».
واستقبلت ألمانيا عشرات الآلاف من اللاجئين العراقيين منذ سيطرة «داعش» على أراض في العراق؛ عدد كبير منهم منح حق الإقامة المؤقتة، أي إنه يمكن إعادتهم إلى العراق عندما يصبح الوضع الأمني مستقراً.
وستبدأ ألمانيا كذلك هذا العام دعم برنامج لنزع التطرف من ضمن جهودها لمواجهة «داعش» الذي ترى أنه يستغل انتشار فيروس «كورونا» وتلهي السلطات به، لإعادة الانتشار في العراق.
وتحدث الكاظمي عن «الورقة البيضاء» التي وضعتها حكومته وحدثت لنفسها فيها إصلاحات مالية واقتصادية، وقال إنه «ممتن لأي مساعدة تقدمها ألمانيا على الصعيد الاقتصادي، وكذلك على صعيد تدريب اختصاصيين ونقل المعلومات». وكشف عن وجود عدد من المستثمرين الألمان في العراق، وطموحه إلى درجة تعاون أكبر وجمع استثمارات ألمانية أوسع، مشيراً بشكل خاص إلى مساعي العراق للحصول على دعم من شركة «سيمنز» في مجال البنية التحتية للطاقة.
عن الشرق الأوسط